حكم إخفاء جودة السلعة في البيع.. نظرة شرعية من دار الإفتاء
اتحاد العالم الإسلاميدار الإفتاء توضح موقفها من إخفاء جودة السلع عند بيعها.. ورد إلى دار الإفتاء المصرية سؤال حول حكم بيع سلعة بجودة متوسطة أو منخفضة على أنها عالية الجودة دون إبلاغ المشتري بحقيقة الأمر، واستفسر أحد التجار قائلاً: "هل يجوز لي بيع قطع غيار متوسطة الجودة على أنها عالية، مع العلم أني لن أُعلم المشتري بطبيعة هذه السلع؟".
التجارة وأهمية الأمانة في البيع
أوضحت دار الإفتاء أن التجارة من أفضل وسائل الكسب التي يُحبذها الشرع، لكن يجب أن تخلو من الغش والخداع، فقد ورد في الحديث الشريف عن النبي صلى الله عليه وسلم: «عَمَلُ الرَّجُلِ بِيَدِهِ، وَكُلُّ بَيْعٍ مَبْرُورٍ»، بمعنى كل بيع خالٍ من الغش والخيانة مبارك.
وأكدت دار الإفتاء أن التراضي بين البائع والمشتري هو شرط أساسي لصحة البيع؛ لقوله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ﴾.
دور الشفافية في إتمام الصفقات التجارية
دار الإفتاء شددت على أن الإسلام يحث على الشفافية والوضوح في المعاملات التجارية، لضمان البركة في البيع. فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إِنْ صَدَقَا وَبَيَّنَا بُورِكَ لَهُمَا فِي بَيْعِهِمَا، وَإِنْ كَذَبَا وَكَتَمَا مُحِقَتْ بَرَكَةُ بَيْعِهِمَا». هذا الحديث يؤكد أهمية الصدق والكشف عن حقيقة السلع عند البيع.
الغش في البيع: تحذير من العقوبات الشرعية
وأشارت دار الإفتاء إلى تحذيرات النبي صلى الله عليه وسلم من الغش والخداع، إذ قال: «مَنْ بَاعَ عَيْبًا لَمْ يُبَيِّنْهُ لَمْ يَزَلْ فِي مَقْتِ اللهِ، وَلَمْ تَزَلْ الْمَلَائِكَةُ تَلْعَنُهُ»، مما يعني أن الغش في المعاملات يُعتبر من الكبائر التي توجب العقوبة، كما يوجب الطرد من رحمة الله.
وجوب بيان حقيقة السلعة وفقًا للفقهاء
أجمع فقهاء المذاهب الأربعة على حرمة الغش وإخفاء عيوب السلعة. فقد ذكر ابن نُجَيْم الحنفي في "البحر الرائق" أن "كتمان عيب السلعة حرام"، ووضَّح زروق المالكي في "شرحه على متن الرسالة" أن الغش يشمل خلط الرديء بالجيد أو إخفاء العيوب بشكل عام.
هل يجوز بيع السلعة المتوسطة على أنها عالية الجودة؟
بناءً على ما سبق، أكدت دار الإفتاء أنه لا يجوز شرعًا أن يخفي التاجر حقيقة جودة السلعة عند بيعها، حتى وإن باعها بسعر أقل، ويُعتبر هذا الفعل غشًا وخداعًا، وهو من المحرمات التي أجمعت عليها نصوص الشرع؛ لما فيها من تدليس على المشتري.