إسرائيل تعلن تفاصيل عملية اغتيال علي شادماني رئيس الأركان الإيراني


في تطور نوعي يعكس تصعيدًا حادًا في المواجهة غير المعلنة بين إسرائيل وإيران، كشفت وسائل إعلام عبرية، اليوم الخميس، عن تفاصيل العملية التي أسفرت عن اغتيال رئيس الأركان الإيراني الجديد، اللواء علي شادماني، بعد أيام فقط من تعيينه خلفًا للجنرال غلام علي رشيد، الذي لقي حتفه هو الآخر في غارة سابقة.
بحسب تقرير نشره موقع "واللا" الإسرائيلي، فإن عملية الاغتيال لم تكن مجرد ضربة موضعية، بل جاءت ثمرة عمل استخباراتي بالغ الدقة، مكّن الأجهزة الأمنية الإسرائيلية من تعقب شادماني إلى منشأة سرية في قلب إيران، كانت تُستخدم كمركز قيادة لتنسيق العمليات ونقل التعليمات إلى الوحدات التابعة للحرس الثوري.
العملية، التي أشرف عليها بشكل مباشر كل من رئيس الأركان الإسرائيلي الجنرال إيال زامير، وقائد سلاح الجو الجنرال تومر بار، اعتمدت على بيانات استخباراتية آنية، وعلى ما يبدو معلومات بشرية وتقنية متقدمة، ما سمح بتحديد موقع شادماني بدقة في الوقت المناسب. وبعد التأكد من تواجده في الموقع المستهدف، صدر القرار النهائي بإطلاق خمس قذائف موجهة بدقة عالية نحو المنشأة، ما أدى إلى مقتله فورًا، إلى جانب ضابط استخبارات رفيع كان برفقته.
ووفقًا لمصادر عسكرية إسرائيلية نقل عنها الموقع، فإن هذه العملية تأتي ضمن سلسلة هجمات موصوفة بـ"عالية الدقة"، تهدف إلى تفكيك البنية القيادية العسكرية الإيرانية من الداخل، ضمن ما يشبه "استراتيجية الرأس" التي تعتمد تصفية العناصر القيادية الأكثر تأثيرًا، بهدف شلّ قدرات القيادة والسيطرة داخل الحرس الثوري.
اللافت في توصيف العملية، وفق المصدر ذاته، هو تشبيهها بالأساليب المستخدمة في قطاع غزة وجنوب لبنان وسوريا، من حيث سرعة التنفيذ، واعتمادها على رصد استخباراتي لحظي، والقدرة على التصفية الميدانية دون تحذير مسبق، ما يشير إلى توسيع إسرائيل دائرة عملياتها لتشمل العمق الإيراني نفسه، وليس فقط الأذرع الخارجية لطهران.
اختراق أمني
اغتيال شادماني بعد فترة قصيرة من توليه المنصب، يعكس تحوّلًا في قواعد الاشتباك بين الجانبين، حيث لم تعد إسرائيل تكتفي باستهداف قادة العمليات الميدانية أو مخازن الأسلحة، بل باتت تتجه مباشرة نحو النواة القيادية العليا في طهران. كما أن توقيت العملية يثير تساؤلات حول مدى اختراق الأجهزة الإسرائيلية للبنية الأمنية الإيرانية، وقدرتها على الوصول إلى منشآت تصنف بأنها "شديدة الحماية".
من جهة أخرى، فإن الرد الإيراني المحتمل سيكون موضع مراقبة دقيقة، إذ قد تدفع هذه العملية بطهران إلى التصعيد إقليميًا، سواء عبر حلفائها في المنطقة أو من خلال عمليات إلكترونية وهجمات غير تقليدية. في المقابل، يبدو أن تل أبيب تراهن على استراتيجية "الضربات الاستباقية" التي تخلخل الصفوف العليا وتربك دائرة صنع القرار في الحرس الثوري.
عملية اغتيال علي شادماني تمثل نقلة نوعية في مسار الصراع الإسرائيلي الإيراني، إذ لم تعد العمليات مقتصرة على ساحات المواجهة التقليدية، بل باتت تستهدف العمق السيادي لإيران. ومع تصاعد حدة هذه العمليات، تزداد احتمالات انزلاق المنطقة إلى مواجهة مفتوحة، تتجاوز حدود الحرب بالوكالة، إلى صراع مباشر بين دولتين تملكان قدرات عسكرية واستخباراتية متطورة.