أخبار وأحداث

الخيارات النووية في قبضة المرشد.. لعبة أعصاب بين طهران وتل أبيب

إيران
إيران

في خضم التصعيد العسكري بين إيران وإسرائيل، وما رافقه من ضربات استهدفت منشآت نووية إيرانية، أعادت تقارير استخباراتية أميركية الجدل حول مدى اقتراب طهران من إنتاج السلاح النووي. وعلى الرغم من امتلاك إيران لمخزون ضخم من اليورانيوم المخصب، فإن وكالات الاستخبارات الأميركية لا تزال تعتقد أن طهران لم تتخذ القرار النهائي بصنع قنبلة نووية. هذه القناعة، التي لم تتغير منذ مارس الماضي، تسلط الضوء على تعقيد المعادلة النووية الإيرانية، حيث تتقاطع السياسة والعقيدة والاستراتيجية في لحظة توتر إقليمي غير مسبوق.


معادلة الردع.. القرار لا المادة


وفقًا لما نقلته صحيفة نيويورك تايمز عن مسؤولين أميركيين، فإن إيران تمتلك القدرة الفنية والمادية اللازمة لإنتاج قنبلة نووية خلال فترة قصيرة، قد لا تتجاوز أسبوعين من لحظة اتخاذ القرار السياسي. لكنّ ما يُعطّل هذه القفزة النووية حتى الآن هو غياب القرار النهائي من القيادة الإيرانية، لا نقص في التكنولوجيا أو المواد الانشطارية.
في هذا السياق، شدد مسؤولون كبار، ومنهم مدير وكالة الاستخبارات المركزية (CIA) جون راتكليف، على أن إيران "قريبة جدًا" من السلاح النووي، وأن أي تطور دراماتيكي – مثل توجيه ضربة أميركية لمنشأة فوردو، أو اغتيال المرشد الأعلى علي خامنئي – قد يدفع طهران إلى تسريع برنامجها والدخول في مرحلة التصنيع.


الفتوى والموقف الأميركي


رغم ضغوط الحلفاء، لا تزال واشنطن تعتمد جزئيًا على فتوى دينية أصدرها خامنئي عام 2003 تحرم إنتاج الأسلحة النووية. لكن بعض المحللين يرون أن الفتوى، رغم رمزيتها، ليست كافية لتثبيت الردع، خاصة في ظل تغيّر الظروف الإقليمية وتزايد التهديدات.
وأشار مسؤول استخباراتي أميركي رفيع إلى أن التقديرات الإسرائيلية التي تزعم أن إيران على بُعد 15 يومًا من إنتاج قنبلة "مبالغ فيها"، ولا تستند إلى معلومات استخباراتية جديدة بل إلى إعادة تحليل معطيات سابقة.

التهديد الوجودي وأجندة نتنياهو

من جهتها، تتبنى إسرائيل، بقيادة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، خطابًا تصعيديًا إزاء إيران، وتعتبرها على حافة إنتاج السلاح النووي. ويُعتقد أن نتنياهو يسعى للحصول على دعم أميركي أكبر لحملته العسكرية، مستندًا إلى تقييمات استخباراتية إسرائيلية تتحدث عن قدرة إيران على إنتاج قنبلة خلال أسبوعين، في حال اتخاذ القرار. لكن واشنطن لا تتبنى هذا التصور بالكامل، وترى أن هناك عوامل تقنية وسياسية لا تزال تؤخر طهران.

البيت الأبيض.. قرار مرتقب وضغوط داخلية

في خضم هذه المعطيات، أعلن البيت الأبيض عن اجتماع استخباراتي عُقد مؤخراً، وأبلغ فيه الرئيس الأميركي دونالد ترمب بأن قراراً بشأن مهاجمة إيران سيُتخذ خلال أسبوعين. وخلال مؤتمر صحافي، صرّحت المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارولين ليفيت، بأن إيران تمتلك كل ما يلزم لصنع السلاح، مضيفة: "ما ينقص هو فقط القرار السياسي من المرشد".
ورغم ضبابية الموقف، يتضح أن الإدارة الأميركية منقسمة بين تيار يدفع نحو الضربة الاستباقية، وتيار آخر يفضّل مواصلة الضغط الدبلوماسي والعقوبات، مع الترقب الحذر.

تحديات التصنيع الإيراني


ورغم التقدم في تخصيب اليورانيوم بنسبة تصل إلى 60% – وهو ما يقترب من عتبة التسليح البالغة 90% – فإن تصنيع قنبلة نووية يتطلب خطوات إضافية، من بينها تطوير رأس حربي مصغّر وتوفير وسيلة لإيصاله، مثل صواريخ باليستية أو طائرات. وتُجمع أجهزة الاستخبارات الأميركية والإسرائيلية على أن إيران تمتلك القدرات التقنية اللازمة لذلك، لكنها لم تبدأ فعليًا في تنفيذ هذه المرحلة، بحسب المعلومات المتوفرة حتى الآن.


تقييمات جديدة أم زوايا قراءة مختلفة؟


يرى بعض المراقبين أن التقديرات الجديدة لا تعكس تطورات جوهرية، بل تعبر عن قراءة جديدة لبيانات استخباراتية قديمة، مما يعكس القلق المتصاعد داخل الإدارة الأميركية. وفي هذا الإطار، أشار الجنرال مايكل كوريلا، قائد القيادة المركزية الأميركية، إلى أن مخزون إيران من اليورانيوم وعدد أجهزة الطرد المركزي المتطورة يمكن أن يتيح لطهران إنتاج 10 قنابل خلال 3 أسابيع، إذا قررت "الاندفاع" نحو التصنيع.
أما مديرة الاستخبارات الوطنية، تولسي جابارد، فقد أكدت في شهادتها أمام الكونغرس أن إيران وصلت إلى "مستويات غير مسبوقة" لدولة غير نووية، وأن الوضع الحالي يُظهر أن إيران تمتلك كل مكونات القنبلة، رغم عدم شروعها في تجميعها حتى الآن.

الخيارات النووية قبضة المرشد لعبة أعصاب طهران تل أبيب

أخبار وأحداث