أخبار وأحداث

وسط تضارب استخباراتي مع إسرائيل.. ترمب يتجاهل تقييمات واشنطن ويحذّر من اقتراب إيران من القنبلة النووية

النووي الإيراني
النووي الإيراني

تشهد العلاقات الأميركية-الإسرائيلية توتراً مكتوماً على خلفية التباين المتزايد في تقييماتهما الاستخباراتية حول برنامج إيران النووي. هذا الانقسام أصبح أكثر وضوحاً قبيل الهجمات الإسرائيلية الأخيرة على طهران، التي نُفّذت رغم تحفظات واشنطن ودعواتها المتكررة لاتباع مسار دبلوماسي.
فبينما زوّدت إسرائيل الإدارة الأميركية بمعلومات تفيد بأن إيران شرعت مجدداً في أبحاث تهدف إلى تصنيع سلاح نووي، شكّك مسؤولون أميركيون في دلالة هذه الأنشطة، معتبرين أنها لا ترقى إلى مستوى "القرار الفعلي" لصنع قنبلة نووية. هذه الفجوة في التقدير الاستخباراتي انعكست على تباين تكتيكي واضح: تل أبيب ترى تهديداً آنياً يستدعي التحرك العسكري، في حين تميل واشنطن إلى ضبط النفس والعمل ضمن الأطر الدبلوماسية.
تفاصيل الأبحاث الإيرانية المشبوهة
بحسب تسريبات من "وول ستريت جورنال"، ركزت المعلومات الإسرائيلية على نشاطات بحثية مرتبطة بـ"نظام التفجير متعدد النقاط" – أحد المكونات التقنية الأساسية لتفعيل سلاح نووي. كما تم رصد عمل على جسيمات النيوترون، وأبحاث في المتفجرات البلاستيكية، والتقنيات اللازمة لدمج المواد الانشطارية في أجهزة تفجير. مع ذلك، يرى الأميركيون أن تلك الأنشطة تندرج ضمن ما يُعرف بـ"أبحاث المحافظة على القدرة النووية"، وهي لا تشير بالضرورة إلى سلوك مسار تصنيعي مباشر.
أين تقف إيران؟
تقديرات وكالات الاستخبارات الأميركية تُجمع على أن إيران لم تتخذ بعد قرار إنتاج القنبلة، وهو ما أكّدته مديرة الاستخبارات الوطنية، تولسي جابارد، أمام الكونغرس في مارس. لكنها في الوقت نفسه باتت، وفق التصريحات الأميركية، على بُعد أسابيع من امتلاك يورانيوم مخصب بنسبة 90% – وهي العتبة التقنية لإنتاج سلاح نووي.
الجنرال إريك كوريلا، قائد القيادة المركزية الأميركية، شدّد على أن طهران باتت تفصلها "خطوات قليلة فقط" عن إنتاج ما يكفي لصنع ما يصل إلى 10 قنابل خلال أقل من شهر. ومع ذلك، لم ترصد الاستخبارات الأميركية مؤشرات مؤكدة على بدء تجميع أو تصنيع الرؤوس النووية.
ترمب بين التشكيك والتحذير
الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الذي عُرف بموقفه المتشدد من إيران، عبّر عن عدم ثقته في تقييمات الأجهزة الاستخباراتية، قائلاً إنه يعتقد أن إيران "كانت قريبة جداً من امتلاك القنبلة". ورغم أنه طالب بتأجيل الضربات الإسرائيلية لمنح الدبلوماسية فرصة، فإنه عبّر عن قلق متصاعد مع تصاعد مؤشرات اقتراب إيران من تحقيق "الاختراق النووي".
الحملة الإسرائيلية: أهداف تكتيكية ومخاطر استراتيجية
الهجمات التي شنّتها إسرائيل، حسب مسؤولين أميركيين، أبطأت البرنامج النووي الإيراني بين 5 إلى 6 أشهر، وقد تمتد هذه الفترة إذا استمرت العمليات. غير أن هذه الضربات لم تتم بموافقة أميركية كاملة، كما أن بعض تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو – خصوصاً تلك التي تتحدث عن تسليم سلاح نووي للحوثيين – وُصفت من قبل مسؤولي الاستخبارات الأميركية بأنها "غير مدعومة بمعلومات".
نتنياهو يقدّم، في المقابل، الرواية الأكثر تشاؤماً، مؤكداً أن إيران ستتمكن من اختبار سلاح نووي خلال أشهر. وهو يعتبر أن "تأجيل الضربات لم يعد ممكناً"، مبرراً ذلك بضرورة منع إيران من بلوغ نقطة "الاختراق النووي".
المجتمع الاستخباراتي بين التهويل والتريث
الاختلاف الجوهري لا يكمن في المعطيات، بل في تفسيرها: هل تُعتبر إيران في مرحلة تحضيرية لبناء قدرة ردع نووية مؤجلة؟ أم أنها في طور اتخاذ القرار بالتصنيع الفوري؟ هنا تتباين الرؤى.
الخبير النووي جيفري لويس يرى أن إيران "تُبقي على خيار السلاح النووي مفتوحاً"، وهو ما يتفق مع موقف عدد من المؤسسات البحثية التي تُرجح أن تكون طهران تمارس "سياسة حافة الهاوية"، دون القفز فعلياً إلى حيازة السلاح.
هل تعود الدبلوماسية؟
وسط هذا التصعيد، تلوّح إيران باستعدادها للعودة إلى المفاوضات النووية بشروط واضحة: وقف الضربات الإسرائيلية، وابتعاد واشنطن عن المواجهة العسكرية المباشرة. وتعتقد طهران، بحسب مسؤولين إيرانيين، أن إسرائيل غير قادرة على ضرب منشآت محصّنة كـ"فوردو" دون دعم أميركي.

تضارب استخباراتي إسرائيل ترمب واشنطن إيران القنبلة النووية

أخبار وأحداث