موسكو تُحذر واشنطن: الدعم العسكري لإسرائيل ضد إيران يهدد الاستقرار الإقليمي


في تطور جديد يُنذر بتصاعد التوترات الدولية، وجهت روسيا تحذيرًا صارمًا للولايات المتحدة من مغبة تقديم أي دعم عسكري مباشر لإسرائيل في إطار عملياتها ضد إيران، معتبرة أن مثل هذه الخطوة قد تفتح أبواب الفوضى في منطقة الشرق الأوسط وتخلّ بتوازن هش قائم منذ سنوات.
وجاء التحذير الروسي عبر نائب وزير الخارجية، سيرغي ريابكوف، الذي قال بلهجة واضحة: "نحذر أميركا من تقديم مساعدات عسكرية مباشرة لإسرائيل أو حتى مجرد التفكير في الأمر"، مؤكداً أن أي انخراط أميركي مباشر قد يفاقم من هشاشة الوضع الإقليمي ويؤدي إلى زعزعة خطيرة للاستقرار.
هذا التصعيد الكلامي يتزامن مع موقف روسي رسمي أكثر وضوحًا صدر عن وزارة الخارجية الروسية، حيث أدانت موسكو بشدة الهجمات الإسرائيلية المتواصلة على إيران، ووصفتها بأنها "غير قانونية بموجب القانون الدولي"، معتبرة أنها تهدد الأمن العالمي وتفتح الباب أمام سيناريوهات "كارثية"، قد تشمل خطر وقوع مواجهة نووية، خاصة وأن الهجمات استهدفت مواقع نووية إيرانية تُوصف بأنها "سلمية".
البيان الروسي، الذي نُشر عبر منصة "تلغرام"، اعتبر أن هذه الاعتداءات لا تلقى تأييدًا دوليًا حقيقيًا، مشيرًا إلى أن الدعم الوحيد لإسرائيل في هذا التصعيد جاء من دول "مشاركة فعليًا في تلك الأعمال" وتتحرك "لدوافع انتهازية".
وفي خضم هذه التصريحات، أبرزت موسكو أن إيران أبدت التزامًا متجددًا بمعاهدة منع انتشار الأسلحة النووية، وأكدت استعدادها لاستئناف التواصل مع الولايات المتحدة في سبيل إيجاد حلول دبلوماسية للنزاع المتعلق ببرنامجها النووي. وهو ما اعتبرته روسيا دليلًا على رغبة طهران في الحل السلمي، وسندًا قويًا لنفي الاتهامات الغربية حول نواياها النووية.
المرشد يرد على تهديدات ترامب
ردّ المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي بقوة على تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب، التي دعا فيها إيران إلى "الاستسلام غير المشروط"، وهدد صراحة باستهدافه شخصيًا، واصفًا إياه بأنه "هدف سهل".
وفي تصريحات نقلتها وكالة "تسنيم" الإيرانية، مساء الأربعاء، شدد خامنئي على أن "الشعب الإيراني لا يُخاطَب بلغة التهديد"، مؤكدًا أن "الأشخاص العقلاء الذين يعرفون تاريخ إيران وشعبها يعلمون أن هذا الشعب لا يخضع للضغوط". وأضاف: "على واشنطن أن تدرك جيدًا أننا لن نستسلم، وأي هجوم أميركي ستكون له تبعات كارثية لا يمكن إصلاحها".
ولفت المرشد الإيراني إلى أن بلاده "ستصمد في وجه الحرب كما ستصمد في وجه السلام المفروض"، في إشارة رمزية إلى رفض أي تسوية أو مفاوضات تجري تحت الضغط أو التهديد، قائلاً: "شعبنا لن يرضخ لأي إملاءات، من أي جهة كانت".
وجاء هذا الرد عقب تهديدات مباشرة أطلقها ترامب عبر منصة "تروث سوشيال"، قال فيها: "نعلم بالضبط أين يختبئ المرشد الأعلى. إنه هدف سهل، لكنه في مأمن هناك. لن نغتاله الآن… على الأقل في الوقت الراهن"، ملمحًا إلى احتمال اتخاذ إجراءات تصعيدية لاحقة. كما طالب ترامب إيران بـ"الاستسلام التام" في ظل التوتر المتصاعد واحتمالات انخراط الولايات المتحدة عسكريًا إلى جانب إسرائيل ضد طهران.
التصعيد لم يأتِ من واشنطن وحدها، بل امتدّ إلى تل أبيب، حيث لمح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في مقابلة مع شبكة ABC الأميركية، إلى أن "استهداف خامنئي قد يُسرّع من نهاية الحرب ويُغيّر مستقبل المنطقة". ورأى نتنياهو أن "إيران هي العائق الرئيسي أمام ولادة شرق أوسط مستقر سياسيًا ومزدهر اقتصاديًا"، داعيًا القوى الديمقراطية إلى "تفهم دوافع إسرائيل في توجيه ضربات إلى طهران".
وفي رد غير مباشر، كتب خامنئي على منصة "إكس" أن "التعامل مع الكيان الصهيوني الإرهابي يجب أن يكون بقوة، ولن تكون هناك مساومة". وهي رسالة واضحة تؤكد ثبات الموقف الإيراني تجاه إسرائيل، وتُبرز في الوقت ذاته التداخل المتزايد بين الجبهتين الإسرائيلية والأميركية في استهداف طهران سياسيًا وعسكريًا.