كمامة الحرب.. قانون إسرائيلي جديد يقيد النشر


في خطوة أثارت جدلاً داخليًا وخارجيًا، صادق الكنيست الإسرائيلي، يوم الخميس، على قانون جديد يفرض قيودًا مشددة على تصوير ونشر المحتوى البصري المرتبط بالأحداث العسكرية خلال فترات الحرب، تحت ذريعة "الحفاظ على الأمن القومي ومنع تسريب معلومات قد تستغلها جهات معادية".
الخلفيات والدوافع
جاء تمرير القانون على خلفية موجة من الصور والمقاطع المصوّرة التي انتشرت مؤخرًا عبر وسائل التواصل الاجتماعي، توثق اعتراض الصواريخ وسقوطها في مناطق متعددة، ما أثار قلق المؤسسة الأمنية الإسرائيلية من أن تكون هذه المواد خزانًا استخباراتيًا مفتوحًا للأعداء، خاصة في ظل التوترات المستمرة مع حماس وحزب الله، وتصاعد احتمالات الحرب الإقليمية مع إيران.
بنود القانون
القانون، الذي حظي بدعم واسع من كتل الائتلاف الحكومي وحتى من بعض أحزاب المعارضة، ينص على حزمة من الإجراءات الرقابية، أبرزها:
حظر تصوير مواقع الاستهداف أو اعتراضات القبة الحديدية والدفاعات الجوية.
منع نشر أي محتوى بصري يتعلق بالعمليات العسكرية عبر الإنترنت، بما في ذلك الشبكات الاجتماعية.
فرض قيود صارمة على تغطية وسائل الإعلام الأجنبية "غير الصديقة" بحسب تصنيف الجهات الأمنية، ما يعني رقابة شبه شاملة على التغطية الدولية.
تجريم تصوير المنشآت العسكرية أو المناطق المصنفة "حساسة"، بعقوبات قد تصل إلى السجن لمدة تتراوح بين 20 و30 شهرًا.
الأبعاد القانونية والسياسية
بدخول القانون حيّز التنفيذ بعد تصديق المستشار القضائي للحكومة، باتت الرقابة ليست فقط خيارًا أمنيًا، بل إطارًا قانونيًا ملزمًا، يسمح بملاحقة أي جهة – أفرادًا أو مؤسسات – تخالف ما يُعتبر "مضرًا بالأمن القومي". التحذيرات الرسمية شددت على أن التعامل مع هذه المخالفات سيقابل بـ"رد حازم وتطبيق صارم".
جدل داخلي وتحذيرات حقوقية
رغم الإجماع الظاهري، أثار القانون مخاوف نشطاء حقوق الإنسان والصحافة، الذين اعتبروا أن هذه الخطوة تمثل تضييقًا غير مسبوق على حرية التعبير وحق الجمهور في المعرفة، في وقت تزداد فيه الحاجة للشفافية والمساءلة في ظل عمليات عسكرية مستمرة في غزة وجنوب لبنان.
ويُخشى أن تُستخدم بنود القانون ذريعةً لقمع التغطيات الصحفية المستقلة أو محاسبة مواطنين يوثّقون الواقع بهواتفهم، خاصة في ظل غموض مصطلحات مثل "الجهات غير الصديقة" أو "المحتوى الضار بالأمن".
البعد الدولي
قد يُنظر إلى هذا القانون أيضًا كخطوة استباقية لحجب مشاهد قد تثير الانتقادات الدولية لسياسات الجيش الإسرائيلي، خصوصًا في المناطق المحتلة، حيث تُوثق الهواتف المحمولة أحيانًا تجاوزات عسكرية بحق المدنيين.
كما يمثل القانون الجديد محاولة إسرائيلية لإعادة رسم حدود المشهد الإعلامي زمن الحرب، لكنه في المقابل يفتح بابًا واسعًا للنقاش حول حدود الأمن وحرية التعبير. وبينما تدّعي السلطات أن الهدف هو الحماية من التسريبات، يرى مراقبون أن القانون قد يُستخدم لإسكات الصورة حين تكون أقوى من الرواية الرسمية.