رسائل نارية متبادلة بين طهران وتل أبيب.. هل تقترب المواجهة من نقطة اللاعودة؟


تشهد الساحة الإقليمية تصعيدًا خطابيًا حادًا بين إيران وإسرائيل، يعكس حالة التوتر المتزايد والانزلاق نحو احتمالات مواجهة مفتوحة أو ضربات متبادلة غير مباشرة. ففي تصريح لافت، حذر وزير الخارجية الإسرائيلي مجلس الأمن القومي الإيراني، مؤكدًا أن "لدى طهران خطة استراتيجية تهدف إلى القضاء على إسرائيل". وأوضح أن بلاده "لن تقف مكتوفة الأيدي أمام أي تهديد بالإبادة"، في إشارة إلى ما تعتبره تل أبيب تهديدًا وجوديًا متناميًا.
هذه التصريحات جاءت كرد على تهديد علني أطلقه رئيس لجنة الأمن القومي في البرلمان الإيراني، توعّد فيه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، قائلًا إنه "لن يكون في مأمن في أي مكان في العالم إذا واصلت إسرائيل عدوانها ضد إيران". هذا التصعيد الكلامي يعكس تحوّلًا واضحًا في مستوى الخطاب، حيث انتقل من التصريحات العامة إلى تهديدات شخصية مباشرة، ما يزيد من حدة التوتر.
اللافت في التصريحات الإيرانية أيضًا، أن المسؤول البرلماني شدد على أن بلاده لا تسعى إلى توسيع رقعة المواجهة إلى منطقة الخليج، وهو ما قد يُقرأ كرسالة طمأنة للدول الخليجية لتجنب الانجرار إلى صراع إقليمي. إلا أن التحذير الإيراني بشأن الرد على أي استهداف للبنية التحتية النفطية يعكس جاهزية واضحة للرد القاسي، وربما خارج حدود الأراضي الإيرانية، مما يفتح الباب أمام سيناريوهات تصعيد واسعة النطاق قد تشمل مصالح حيوية للطرفين وحلفائهما في الإقليم.
هذا التبادل التصعيدي يأتي في ظل سياق إقليمي ودولي حساس، تتشابك فيه ملفات النووي الإيراني، والوجود الإيراني في سوريا ولبنان، والاستهدافات المتكررة لقيادات إيرانية من قبل إسرائيل. كما يبرز التوتر في وقت تعاني فيه المنطقة من هشاشة أمنية، وساحة مزدحمة بالحروب غير المعلنة والاغتيالات الغامضة.
ساعات حاسمة
تشير المعطيات حتى الآن إلى أن العدوان الإسرائيلي على إيران لا يهدف فقط إلى تقويض القدرات النووية والعسكرية لطهران، بل يسعى إلى ما هو أبعد: إسقاط النظام الإيراني نفسه، في محاولة لصياغة مشهد إقليمي جديد. هذه النية تتجلى في حجم ونوعية الضربات التي تستهدف قيادات عسكرية حساسة وعمليات إلكترونية عميقة، وتَرافَق ذلك مع تصعيد إعلامي يهيئ لتدخل خارجي أوسع، ربما يكون أمريكيًا.
تبدو الفجوة بين الرؤية الإسرائيلية والأمريكية عميقة، فإسرائيل تسعى لإسقاط النظام الإيراني عبر ضربات جوية واغتيالات منظمة، بينما تركز أمريكا على تعديل سلوك إيران دون إغراق المنطقة في الفوضى.
ورغم ضراوة الهجوم، فاجأت إيران خصومها بصمود لافت وقدرة على الرد المؤلم، من اختراق القبة الحديدية إلى استهداف مواقع حساسة في تل أبيب وحيفا، فيما فشلت إسرائيل في تحييد الترسانة الإيرانية.
تأخذ المواجهة طابع الحرب الهجينة، إسرائيل تستخدم السيطرة الجوية والاستخبارات، وإيران تعتمد على الصواريخ والدفاعات، وكلا الطرفين عند حافة الهاوية، فنتنياهو يراهن على كسر إيران للبقاء، وخامنئي يعتبر المعركة وجودية. رغم الخسائر، لا تزال إيران متماسكة وتمارس ضبط النفس، فامتنعت عن تفعيل جبهات حلفائها، وتحاول كسب التعاطف الدولي، لكنها تواجه تحديات داخلية تهدد استقرارها.
تصريحات ترامب وتغير نبرة واشنطن قد يدفعان نحو تدخل عسكري أمريكي، خاصة باستهداف منشآت نووية، لكن القرار لا يزال مرهونًا بحسابات داخلية معقدة وصراع جماعات الضغط.